أنت هنا

تقول حكيمة التي تبلغ من العمر 57 سنة والتي تعمل كقابلة في المستشفى الجامعي في طرابلس: "لقد عشت بمشاعر مختلطة كل حالات الدمار والمعاناة والألم في معظم الأوقات العصيبة التي مر بها تاريخنا، كما كنت شاهدة أيضًا على جرأة شعبنا في سعيه لإعادة البناء بشكل أفضل، فضلاً عن الفرح والأمل الذي جلبه كل مولود جديد لليبيا ولمستقبلها".

تعاني ليبيا من نقص في تقديم الخدمات الصحية كأحد نتائج عدم الاستقرار وعدم اليقين طويل الأمد والذي تفاقم بسبب جائحة كوفيد 19.  ومع ذلك وخلال أخطر التحديات، فإن قصة حكيمة هي اعتراف بالخدمات التي لا تقدر بثمن للعديد من البطلات المجهولات من القابلات والممرضات اللواتي تقدمن لتوفير المساعدة في مجال الصحة الإنجابية الأساسية للشعب الليبي وخاصة للنساء لينقذن بذلك العديد من الأرواح الثمينة.

عدم ملائمة الاستجابة للاحتياجات الناشئة

"تعتبر مهن التمريض والقبالة تحدي اجتماعي في ليبيا، بيد أن وجهات نظر المجتمع قد تغيّرت على مر السنين بفضل خدماتنا الدؤوبة والنتائج المنبثقة عنها.  ومع ذلك، فلقد تمثل التحدي الأكبر بعد اندلاع الحرب في إيجاد قابلات وممرضات مدربات بسبب مغادرة القوى العاملة الوافدة للبلاد تاركة وراءها أعدادًا وقدرات غير كافية لتلبية الاحتياجات الناشئة. وواجه العديد من الأمهات والأطفال حديثي الولادة الناجين تحديات صحية مدى الحياة بسبب صعوبة الوضع والارتفاع الحاد في معدل الوفيات".

يعاني النظام الصحي في ليبيا من نقص حاد في الموظفين الصحيين والإمدادات والمعدات الصحية، والذي تفاقم أكثر خلال السنوات التي اتسمت بنقص الاستثمار والصيانة. ولقد أدى غياب برنامج تدريبي شامل للموظفين الصحيين، ولا سيما الممرضات والقابلات، إلى تعميق التعقيدات القائمة.

صندوق الأمم المتحدة للسكان يقود حملة لبناء القدرات

ردد السيد طاهر غزنافي، أخصائي برنامج الصحة الجنسية والإنجابية في صندوق الأمم المتحدة للسكان في ليبيا، كلمات حكيمة: "واجه الهيكل الصحي الليبي خلال العقد الماضي نقصًا هائلًا في الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الناشئة للصحة الإنجابية. وبالنظر إلى هذه الحاجة وقضايا القدرات القائمة، فقد أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان، بدعم من الاتحاد الأوروبي، برنامجًا شاملاً لبناء قدرات القابلات والممرضات في ليبيا. ولا يهدف البرنامج إلى تعزيز القدرات المؤسسية القائمة فحسب، بل يهدف أيضًا إلى إنتاج المزيد من القابلات والممرضات الماهرات مع التركيز على التوزيع الرشيد للقوى العاملة في جميع أنحاء ليبيا بحيث يمكن تلبية احتياجات الصحة الإنجابية واستدامتها في جميع أرجاء البلاد على المدى الطويل في المستقبل".

بدأت النتائج في الظهور بالفعل

قام صندوق الأمم المتحدة للسكان، في عام 2021 فقط، بتحسين قدرة النظم الصحية ومرونتها من خلال بناء قدرات تقديم الخدمات ل 860 من مقدمي الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، بما فيهم 732 امرأة، معظمهم من القابلات والممرضات.

وقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان التدريب على وحدات مختلفة تشمل توفير مجموعة الخدمات الأولية الدنيا للحفاظ على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الأساسية في الأزمات وصحة الأم والطفل وفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ونظام المعلومات الصحية القطاعي (DHIS2) وبناء القدرات القيادية للسلطات الصحية والعاملين الصحيين.

"لقد ساعدتنا هذه الدورات التدريبية ليس فقط على تعلم أفضل الممارسات قبل وأثناء وبعد تنفيذها ولكن أيضًا على إدارة وبرمجة مسارات عملنا بأكثر الطرق كفاءة وفعالية. وبفضل قدراتنا المُحسنة، فإننا لا نحطم الخرافات ونحقق نتائج أفضل فحسب، بل ندرب أيضًا الجيل الأصغر سنًا من القابلات والممرضات القادمات إلى المهنة".

 

إرساء أسس متينة للحلول المستدامة

يسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان جاهدًا، بالإضافة إلى بناء قدرات الموظفين الحاليين، إلى إرساء أساس استراتيجي وأكاديمي لمهنة القبالة في ليبيا. وبدعم من الاتحاد الأوروبي وبالتنسيق الوثيق مع وزارة الصحة الليبية، فقد ساعد صندوق الأمم المتحدة للسكان في وضع السياسات والمبادئ التوجيهية الفنية للقبالة، والصحة الجنسية والإنجابية، والإدارة السريرية للاغتصاب والبروتوكولات المتعلقة بمسارات الإحالة.

وبالمثل، فقد وضع صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالتعاون مع وزارة الصحة، أول سياسة للقبالة والتمريض على الإطلاق، وحدد تكاليف الخطة الاستراتيجية والإطار المؤسسي لإدخال تحسينات على مهنة التمريض والقبالة من أجل تحسين جودة خدمات الصحة الإنجابية للأمهات والمواليد الجدد والمراهقين. كما تمت أيضًا صياغة سياسة وطنية وخطة عمل استراتيجية للسنوات 2022-2032 ترمي لتوحيد تعليم التمريض والقبالة في ليبيا. ويعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان حاليًا مع مجلس التمريض والقبالة لوضع إطار تنظيمي وتطبيق المناهج الدراسية الموحدة المنقحة للتمريض والقبالة في المؤسسات التعليمية في ليبيا.

مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي.