أنت هنا

في ظل الصراع المستمر في طرابلس، قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بإفتتاح جناح خاص بالولادة في يونيو 2019 بمستوصف وريمة الصحي من خلال تأهيله وتجهيزه بالمعدات اللازمة، ذلك لغرض تقديم خدمات الصحة الإنجابية ذات الجودة العالية للأمهات والأطفال حديثي الولادة في ليبيا.
منذ ذلك الوقت وفر هذا المركز الصحي متطلبات الولادة الامنة إلى 54
 سيدة كما تم تقديم الدعم والاستشارات الطبية إلى أكترمن 8765 شخص، حيث يعتبر مستوصف وريمة الصحي هو المركز الصحي الأولي الوحيد الذي يوفر خدمات الصحة الإنجابية ورعاية الأطفال حديثي الولادة في الحالات الطارئة بطرابلس. 

نعمة محمد التي تبلغ 33 سنة تعمل قابلة في جناح الولادة منذ افتتاحه في يونيو 2019 قالت
"ولدت في القاهرة وانتقلت إلى ليبيا مع عائلتي في أوائل التسعينات، حينها كان عمري 3 سنوات فقط. لقد نشأت في بلدة شرق طرابلس حيث كان والدي يعمل. لم أشعر أبدًا بأنني غريبة في المجتمع أحببت هذا البلد كبلدي دائمًا.عندما كان عمري 12 سنة، إنتهاء عقد والدي وإستعدينا للعودة إلى مصر. كنت حزينة جدًا للمغادرة لكن شيئًا ما في قلبي أخبرني أننا سنعود مرة أخرى إلي ليبيا.
عندما كنت طفلة أحببت الكثير من الأشياء، كان أحدها الرياضة وكرة السلة خاصةً -بغض النظر عن حقيقة كوني الأقصر بين أصدقائي وزملاء الدراسة- لكنني بالتأكيد أحببت شيئًا أكثر من كل ذلك ألا وهوا الطب و الأطفال، لذلك أردت دائمًا أن أعمل في شيئ يجمع بينهما لهذا السبب اخترت دراسة مهنة التمريض والتخصص في طب أمراض النساء لأصبح قابلة.
عندما كنت في سنتي الدراسية الرابعة، عُرض على والدي وظيفة في ليبيا مرة أخرى وقرر قبولها -لقد أحب ليبيا حقًا- وعاد والدي مع والدتي وأخوتي إلي ليبيا في حين بقيت انا في مصر من أجل إنهاء دراستي واللحاق بهم لاحقًا. كانت الدراسة مثيرة للاهتمام وممتعة جداً، خاصةً حينما بدئنا بالقيام بالتدريب العلمي للوهلة الأولى كنت أعتقد أن التدريب سيكون سهل لكن حينما شاهدت أول ولادة تغير منظوري، حتي انني شككت أن أصبح القابلة التي أود أن اكون، لكن اعتقد أنه من الطبيعي أن يشعر الإنسان في بداية الأمر بالخوف، وانا سعيدة جدا ان هذا الموقف لمي يكبحني واستطعت التغلب علي خوفي وأنهيت ما كنت أرغب دائماً في دراسته. 
في سنة 2005 اكملت دراستي وسافرت إلى ليبيا لمقابلة عائلتي حينها قررت أن أبحث عن وظيفة، لم يحالفي الحظ لبضعة أشهر ثم قامت صديقة لعائلتنا بتوصيتي إلى أحد معارفها في عيادة خاصة تقع شرق طرابلس، ذهبت لمقابلة العمل وتحصلت علي الوظيفة حينها بدأت فعلا بمسيرتي المهنية. في البداية كنت قلقة بعض الشيء من أن يتم استقبالي بشكل مختلف لأنني لست موظفة ليبية، لكنني وجدت العكس فجميع زملائي كانوا داعمين لي وجميع المرضى الذين ساعدتهم كانوا لطيفين جدًا، لذلك أعطاني هذا الكثير من الدافع بالاستمرار في هذه المهنة التي أحب.
إذا لم تكن قابلة على الأرجح لن تفهم شعور مساعدة أم على الولادة او شعور في حمل الطفل لأول مرة على الإطلاق وإعطائه لوالدته في تلك اللحظة حينما تتحول تعابير وجهها من الألم إلى سعادة، هذه الأسباب التي من اجلها تستمر القابلات في القيام بأعمالهم، ليس فقط لمساعدة النساء الأخريات ولكن أيضًا لشعور الرضا والراحة الذي يأتي معها. 
أصبحت أماً لأول مرة في عام 2009 والذي بدوره ساعدني على فهم وظيفتي بشكل أفضل، خاصة عندما أتحدث إلى النساء الحوامل حول خيار الولادة الطبيعية فهو صحي أكثر للنساء،  برأي الشخصي لا توجد هناك معلومات كافية حول الولادة الطبيعية لنساء الحوامل والتي ترفع من مستوى الوعي الصحي لديهن.
تستطيع القابلات توفير 80٪ من خدمات الصحة الإنجابية الأساسية وذلك بتوفير التعليم والتدريب المناسبين لهن، أتذكر عندما كنت أتحدث إلى امرأة حامل هنا في مركز وريمة الصحي حول الولادة الطبيعية، اكتشفت أنها كانت نازحة بلا مأوى، قمت أنا وزملاتي من الممرضات بمساعدتها في العثورعلى مأوى مناسب لها وعائلتها. بعد بضع أسابيع، أنجبت هذه السيدة طفلًا جميلا وصحيًا، بنسبه لي هذا فعلا ما يعنيه حقًا أن تكون قابلة، فالقابلة لا تساعد النساء فقط علي الانجاب بل تخدم المجتمع وتساعد الأسر في الحصول على الفرصة التي تستحقونها في عيش حياة كريمة.
لطالما كانت المسيرة المهنية مشوقة جدت وما زلت أرى نفسي أمارس المهنة لسنوات عديدة قادمة كما إني ما زلت أرى نفسي في ليبيا لسنوات عديدة قادمة فأنا لم أتركها أبداً في أوقاتها العصيبة فلن أتركها عندما يعود السلام إليها مرة أخرى، أحبها بقدر ما أحب مصر وأعتبرها موطني أيضًا."

يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على تحسين قدرة ومرونة النظم الصحية من أجل توفير خدمات الصحة الإنجابية المتكاملة لجميع الفئات في المجتمع عامةً والفئات المستضعفة خاصةً. بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي في ليبيا، يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان العون إلى وزارة الصحة الليبية لتطوير مشروع نظم تحفيز واستبقاء القابلات والممرضات المتخصصات في ليبيا ويركز المشروع أيضاً على تأسيس على تطوير إطار سياسات قائم على الأدلة لتوفير مستوى تعليمي ذو جودة ومتاح وسهل الوصول لجميع القابلات والممرضات.